من دون ردات فعل مسلحة أو إحتجاجية في الشارع الطرابلسي، قتلت القوة الضاربة في فرع المعلومات الإرهابي أسامة منصور ومرافقه، وأوقفت الشيخ الفار من وجه العدالة خالد حبلص ومرافقه، وذلك في كمين نوعي لعبت حركة إتصالات هؤلاء الإرهابيين، دوراً أساسياً في نجاحه.
وعلى رغم قيادة منصور لمجموعة إرهابية شمالية مسلحة تابعة بولائها لـ"جبهة النصرة"، وترؤس حبلص لمجموعة مماثلة مرتبطة بتنظيم "داعش"، لم يفتح الكمين معركةً مع القوى الأمنية كما كان يحصل في السابق، ولم تدم عملية تبادل إطلاق النار بين عناصر فرع المعلومات وسيارتي منصور وحبلص أكثر من خمس دقائق بحسب المصادر الأمنية.
لماذا إذاً كانت الأمور مضبوطة الى هذا الحدّ؟ وما الذي منع تداعيات هذا الصيد الثمين؟
"هناك أسباب عدة لعبت دوراً في إرساء الهدوء الأمني الذي رافق وتبع هذا الكمين في عاصمة الشمال"، تقول المصادر الأمنية، "من هذه الأسباب ما هو طرابلسي بحت، ومنها ما هو من خارج المدينة، منها ما هو أمني، ومنها سياسي بإمتياز".
بالنسبة للأسباب الأمنية، يرى المتابعون أن عاصمة الشمال، ومنذ المعركة التي فتحها الجيش ضد مجموعة شادي المولوي وأسامه منصور في باب التبانه، والتي ترافقت مع تفكيك مجموعة خالد حبلص في بحنين، تعيش حالاً من الهدوء النوعي لا سيما من الناحية الأمنية، والسبب يعود الى توقيف العدد الأكبر من المطلوبين الذين يتمكنون من تحريك الشارع، وتواري الفارين منهم عن الأنظار. وهنا يضيف المتابعون، "القائد الأمني حسام الصباغ بات في السجن، قادة المحاور في التبانه وجبل محسن وعلى رأسهم سعد المصري وزياد علوكي في السجن أيضاً، الداعية عمر بكري فستق في السجن أيضاً، قائد خلية الضنية التي تحرض العسكريين على الفرار من الجيش أحمد ميقاتي موقوف أيضاً، هذا بالإضافة الى سفاحي العسكريين بلال وعمر ميقاتي، مؤسس التيار السلفي داعي الإسلام الشهال في السعودية وممنوع من العودة كونه مطلوب، شادي المولوي فار الى مخيم عين الحلوة في صيدا، وحبلص ومنصور تواريا عن الأنظار منذ معركة تشرين الأول الفائت".
أضف الى هذا السبب الأمني، دخول الجيش اللبناني الى باب التبانه وإعادتها الى كنف الدولة كانت له رمزيته خلال الفترة الماضية، لا سيما وأن الجيش فرض تدابير أمنية مشددة ونشر حواجزه ونقاطه في المنطقة بطريقة تمنع تحركات المخلين بالأمن وتشلّ نشاط هذه المجموعات.
هذا في الأمن أما في السياسة، فتعتبر مرجعية طرابلسية أن إسناد وزارة الداخلية والبلديات ووزارة العدل الى الطائفة السنية وتحديداً الى "تيار المستقبل"، أعطى الغطاء اللازم لكل هذه العمليات النوعية، ولو كانت هاتان الحقيبتان بعهدة وزراء مسيحيين، لما كانت هذه الإنجازات لتتحقق، ولكانت الدنيا قامت ولم تقعد، تحت شعار أهل السنة بخطر ومستهدفون من المسيحيين أو الشيعة".
في السياسة أيضاً، وتحديداً بالنسبة الى كمين منصور وحبلص، يروي الطرابلسيون أن تنفيذه من قبل فرع المعلومات لا الجيش اللبناني، ساهم أيضاً بعدم تسجيل ردات فعل على إعتبار أن الجهاز المنفذ محسوب على الطائفة السنية على عكس مؤسسة الجيش.
إذاً عقارب الساعة لن تعود الى الوراء في طرابلس والشمال، ومشروع إعلانه هذه المحافظة إمارة إسلامية سقط الى غير رجعة، والدليل كيف أن هذه الخلايا الإرهابية التابعة لـ"داعش" و"النصرة" تسقط الواحدة تلو الأخرى، بهدوء وبعيداً كل البعد من الرايات السود والتحركات المدعومة من النائبين خالد الضاهر ومعين المرعبي، نائبان يبدو أن رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري نجح بإسكاتهما وإبعادهما عن الشاشة في هذه المرحلة.